زواج خدبجة بمحمد علي السلام

عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة يقول :أرسلوا إلى أصدقاء خديجة ...قالت ؛ فذكرت له يوما فقال :إني لأحب حبييبها ....
خديجة في الجاهلية :
هي خديجة بنت خويلد بن عبد العزي بن أسد القرشية الأسدية الصديقة الكبرى ، وأم أولاده للمؤمنين ، والزوج الأولى للرسول الكريم ، وأم أولاده جميعا إلا إبراهيم .
كانت في الجاهلية تحت أبي هالة بن زرارة التميمي ،وقد مات عنها ،بعد أن ولدت له هندا الذي أمن بالرسول وصحبه وشهد معه بدرا ،كما ولدت له هالة بن أبي هالة  وكان له صحبه أيضا  .وبعد موت أبي هالة تزوجها عتيق بن عابد المخزومي فولدت له بنت إسمها هند، لها إسلام وصحبة ، ثم خلف عليها بعد عتيق سيد الأزواج محمد بن عبد الله .
وكانت خديجة تدعى في الجاهلية ؛ الطاهرة لشدة عفافها وصيانتها ، ويصفونها بسيدة نساء قريش.
خدبجة التاجرة
كانت خديجة إمرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم إياه بشيء، تجعله لهم ،وكانت قريش قوما تجارا .
وفي جلسة بين أبي طالب ومحمد إبن أخيه قال له ؛ يابن أخي ،أنا رجل لا مال لي وقد أشتد الزمان علينا ،وألحت علينا سنون منكرة ، وليس لنا مادة ولا تجارة ،وهذه عير قومك ، قد حضر خروجها إلى الشام ، وخديجة تبعت رجالا من قومك يتجرون في مالها ويصيبون منافع، فلو جئتها لفضلك على غيرك لما يبلغها عنك من طهارتك .
لقال محمد عليه السلام : لعلها ترسل إلى في ذلك .
فقال أبو طالب : إني أخاف أن تولي غيرك .
وبلغ هذا الحوار بين محمد وعمه إلى خديجة ،فما كان منها إلا أن أرسلت  إليه لما عرفت عنه من الصدق والأمانة ،وحسن السمعة ،وعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له"مسيرة" فقبل رسول الله منها ، وخرج من مالها ذلك ، ومعه غلامها ميسرة إلى الشام.
》شريكة التجارة تصبح شريكة الحياة:
عاد محمد من الشام بربح وفير لم تحصل عليه خديجة من قبل ، وعاد إليها غلامها بحديث أوفر من الربح عن هذا الرفيق الكريم وما رأى ولمس فيه سمو الأخلاق وعجبب الأيات.
وهفا قلب خدبجة إلى محمد أن يشركها في الحياة كما شركها في التجارة فإنه رجل نادر المثال حقا!! شاب ، وليس فيه عبث الشبب ، تاجر، وليس فيه شجع التجار ،فقير ، وليس فيه ضعة الفقراء ،قريشي ،ولبس فيه زهو قريش .
إن الرجال إعتادو أن يخطبوا النساء ، فكيف تخطب المرأة الرجل ؟
هذه هي المشكلة ،ولكن خديجة تحلها عن طريق صديقتها نفيسة أخت يعلي بن منبه.
أرسلتها خدبجة دسيسا إلى محمد ،فقالت له ؛ما يمنعك أن تتزوج
قال:ما في يدي شئ.
قالت:فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والكفاءة؟
قال:ومن ؟قالت :خدبجة ،قال : وكيف لي بذلك ؟
قالت : على ذلك .
فسارع الرسول إلى إعلان قبوله ، وذهبت نفيسة إلى خديجة فبشرتها بنتيجة هذا الحديث، ولم تلبث خديجة أن حددت ااموعد الذي يلتقى فين محمد وأعمامه بأهل خديجة،
فذهب الرسول ومعه عماه أبو طالب وحمزة وخطبوا خديجة من عمها بن أسد ،وكان صداقها عشرين بكرة ،وكانت سنها أربعين سنة وكان هو في الخامسة والعشرين على أشهر الأقوال .
زواج مثالي :
لقد كان من الميسور لمحمد بن عبد الله أن يتزوج فتاة من أبكار قريش ، بدل هذه الثيب التي تزوجت مرتين ، وبلغت الأربعين أو جاوزتها ، وأوشك وجهها أن يتجعد ، وشعرها أن يشيب .
لو كان من عشاق الجسد وطلاب الشهوة لكان له في الأبكار الصغار متسع ،وهو الفحل لا يقدع أنفه ، والقرشى الهاشمي لا ترد خطبته ، وله من قوة شخصية ، وحسن سمعته ووسامة طلعته ، وشهرة أسرته ،ما يزيل العقبات ، ويمهد السبيل .
ولكنه كان ينشد العقل الرشيد ، والقلب الكبير فوجدهما فب خديجة .
وكان أمام خديجة ..وهي يومئد أوسط نساء قريش نسبا ، وأعظمهن شرفا ،وأكثرهن مالا ...من عظماء قريش وأثريائها من يتمنى زواجها ، ومن أرسل إليها  يخطبها ، لكنها رغبت  عنهم جميعا ، شعرت بأنهم يخطبون مالها لا شخصها ، يخطبون خديجة الغنية لا خديجة الإنسان.
ردت خديجة يد أشراف قريش ، ولم تجد حرجا أن تعرض نفسها ... بواسطة أو غير واسطة ..على الشاب الفقير الذي يعمل في تجارتها ، إنها وجدت في محمد ضالتها ، فاختارته .الخلود، ودخلت خديجة التاريخ من أوسع الأبواب .
ومن أولى بمحمد من خديجة ؟ وأولى بخديجة من محمد ؟ إن المرأة التي يلقبونها بالكاهرة أولى بالرجل الذي يلقبونه بالأمين 《والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات》
وكان زواجا سعيدا موفقا لم تغم سماؤه يوما من الأيام ،ولم يعكر صفوه إفتتان المرأة الغنية بمالها ، ولا إعتداد الشاب الفتى بشبابه ، بل كان شبابه كله لها ، وكان مالها كله له ، يبذل منه ما يرى من صلة الرحم ، ووجود البر وصنائع المعروف.
أصابت الناس سنة جدب فجاءت حليمة السعدية مرضعة الرسول إليه فأكرم وفادتها ، وعادت من عنده ومعها من مال خديجة بعير يحمل الماء ، وأربعون رأسا من الغنم .
وكانت خديجة أول إمرأة تزوجها الرسول الكريم ولم يتزوج عليها حتى ماتت رضي الله عنها .
وقد ولدت له أولاده كلهم ، إلا إبراهيم : ولدت له من الذكور : القاسم وهو أكبر بنيه، وبه كان يكنى بعد البعثة ، وعبد الله ويلقب بالطيب والطاهر ، ومن الإناث: رقية ثم زينب ثم أم كلتوم ثم فاطمة أصغر بناته.
فأما القاسم وعبد الله فماتا في الجاهلية ،وأما البنات فقد أدركن الإسلام وهاجرن معه عليه السلام ، وقد كان يتوقع من خدبجة أن يلهع فؤادها لموت أبنائها من رجل تحبه في عصر توأد فيه البنات ولكنها كانت دائما مثال العزم الراسخ والإيمان الصبور ..
                    《 يتبع أخوكم بوسف 》

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المستشرقين الغربيين والتعريف بالتاريخ الإسلامي

الاسلام وحقائق الوراثة والحمض النووي

طاقتك وقدرتك