المستشرقين الغربيين والتعريف بالتاريخ الإسلامي



فالدراسات التي تتعلق بموضوعات مثل البيئة الإجتماعية في االمجتمعات والحركات الإسلامية .. وتيارات الفكر.. والنظم والظواهرالإسلامية .. كل هذه دراسات تاريخية لأنها أساسا تتعلق بالماضي،بيد أنها تختلف إختلافا جذريا عن الموضوعات التي تعتبر في الحكم العادة موضوعات تاريخية، من حيث إن الأولى تعتمد اعتمادا كبيرا على علوم أخرى ضمن العلوم الاجتماعية .
ومن ثم نجد أن طرق المعالجة لتاريخ الفكر والنظم والحركات الإسلامية تختلف عن طرق المعالجة التي يتطلبها التاريخ السياسي أو الإقتصادي ... ومن المهم أن نؤكد في إطار الدراسات الإسلامية أن دراسات البنية أو النظم الإجتماعية تكون جزءا لا يتحزأ مت التاريخ الإسلامي برغم أن المؤرخين السياسين بالمعنى الضيق للكلمة لن يقبلوا مثل هذا التركيز من الناحية التاريخية.
إن مسألة كيفية معالجة التاريخ
ربما قد وجدت الحل الى حد ما متمثلا في الطريقة التي نظر الناس بها إليها فعلا في الماضي ، ولا نجد ما يدل على قيام خلاف بين المستشرقين على مسألة هل التاريخ الإسلامي علم مستقل بذاته، على النحو الذي إختلف فيه المؤرخون حول مسألة هل التاريخ علم مستقل أم ينبغي أن يكون جزءا من سائر العلوم الإجتماعية، حيث إنقسموا قسمين : أحدهما يعتقد أن التاريخ لا ينبغي له إلا أن يكون جزءا من العلوم الإجتماعية كالأنثروبولوجيا... وقسم يشعر بأن التاريخ برغم اشراكه مع غيره من العلوم بوسعه بل ينبغي له أيظل علما مستقلا ذا سمات مميزة وقد يكون ثمة تفسيرات لذالك الأمر:
أولهما: أن المستشرقين ذوو خلفيات متباينة من علم اللغة إلى الفلسفة واللاهوت.ولا يسعنا في كثير من الأحيان أن نميز المستشرقين ولكي نكون عملين في التعبير عن أفكارنا نقول إن مصالح المستشرقين الذين يدرسون التاريخ الإسلامي لا يهددها سائر المستشرقين.
وثانيهما': أن المستشرقين كثيرا ما يحتاجون إلى الاشتراك معا بغض النظر عن مسألة تخصيصهم في التاريخ الإسلامي أو في سوى ذلك من جوانب الدراسات الإسلامية ، لا لأنهم قلة من ناحية العدد فحسب، ولكن لأن طبيعة التاريخ الإسلامي أوثق إرتباطا بالإسلام كدين وهذا على نقيض المستشرقين الغربين الذين يتخصصون في التاريخ الأوروبي حيث أدى انفصال الدولة عن الكنيسة الى انتصار التاريخ العلماني. وفي سياق التاريخ الإسلامي نجد أن النتيجة الوحيدة لانفصال الأبعاد العلمانية عن الدينية هو تشويه التاريخ كما حدث فعلا في كتابات الكثير من المستشرقين . وما قصدنا هنا أن نبحث هذه المسألة بالتفصيل ولكننا نريد فقط أن نخلط الصلة الوثيقة بين الدين من ناحية...
والمجتمع والإقتصاد والسياسة من ناحية أخرى... بإعتبار كل ذلك أجزاء لا تتجزأ من الناريخ الإسلامي ، ولقد تأثرت بذلك أعمال أغلبية المستشرقين وهو أمر له ما يسوغه بما في ذلك أعمال بالاسيوس وماسيجنون . وبرغم ذلك فإن غيرهما من المستشرقين الأكثر حاثة قد أكدوا على أهمية البعد الديني في التاريخ الإسلامي مع اعتمادهم على أحدث طرق المعالجة للعلوم الإجتماعية.
ومهما يكن من أمر ، فبينها نجد مستشرقين بعينهم يدرسون البعد الديني كما يفهمه المسلمون .قبل أن يوجه أولئك المستشرقون نقدهم وحكمهم نجد أخرين يفعلون ذلك وهم يرمون في النهاية الأمر الى تحقير شأنه وتشويه حقيقته ونسوق لتوضيح ذلك مثالين من المستشرقين البريطانين المعاصرين ،قوليم مونتجومرى وبرنادلويس.... كلاهما من ذوى المكانة بين العلماء باعتراف الكثيرين من زملائهم الأوروبين .. وكلاهما درس جوانب معنية من التاريخ الإسلامي.. وكلاهما غزيز الإنتاج بشكل يندر وجوده في المجال الدراسات الإسلامية .. وكلاهما درس البعد الديني من التاريخ الإسلامي ومع ذلك نجد أن كلا منهما قد فعل ذلك بطريقة تختلف اختلافا جذريا عن الأخر ومن ثم فقد صدر الحكم عليهما مختلف من قبل العلماء المسلمين المعاصرين.
وأخيرا ": فيكاد يكون من الممكن مناقشة طرق المعالجة والمنهجيات في الدراسات الإسلامية دون أن نرجع الى مسألة تتسم في كثير من الأحيان بالتميع والنسبة برغم حيوتها ، ألا وهي مسألة الموضوعية وعدم التحيز بالنسبة للمؤرخين المسترقين الذين قاموا بدارسة التاريخ الإسلامي ، وليس هذا هو مجال بحث العوامل الخارجية المتعددة التي ميزات كتابات المستشرقين ، ومع ذلك فمن الضروري أن نشير بإيجاز الى الملامح الأساسية لتلك العوامل التي أثرت كذلك على منهجيتهم في التاريخ الإسلامي وعلى سبيل المثال : نجد أن نورمان دانيال قد تتبع تطور صورة الشرق عند الأوروبين باعتبارها محصلة للتوسع التجاري الأوروبي في الشرق الأوسط خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .
وقد قدم كاتب البحث في مقال له أثر الإستعمار والروح التبشيرية واليهودية على الإستشراق عن طريق فحص النصوص التي كتبها أبز المستشرقين في القرن التاسع .

>>أخوكم يوسف >> كلمة شكر تكفي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طاقتك وقدرتك

الاسلام وحقائق الوراثة والحمض النووي

الوباء بين حقائق العلم ووحي السماء